مواقف فلسطينيي الـ48 من المشاركة في احتجاجات تل أبيب على التشريعات الانقلابية

مواقف فلسطينيي الـ48 من المشاركة في احتجاجات تل أبيب على التشريعات الانقلابية

  • مواقف فلسطينيي الـ48 من المشاركة في احتجاجات تل أبيب على التشريعات الانقلابية

فلسطيني قبل 1 سنة

مواقف فلسطينيي الـ48 من المشاركة في احتجاجات تل أبيب على التشريعات الانقلابية

الناصرة- : لم يشارك فلسطينيو الداخل بشكل عام في احتجاجات تل أبيب على الخطة الحكومية القضائية “الإصلاحية”، رغم وجود عدة مشاريع قوانين تستهدف الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر.

وعلّلت الهيئات السياسية التمثيلية، كالأحزاب العربية و”لجنة المتابعة العليا” ولجنة رؤساء الحكم المحلي العربي والجمعيات الأهلية، موقفها الرافض للمشاركة بالقول إن الصراع يدور في جوهره على ديمقراطية مخصّصة لليهود بالأساس.

كما قالت هذه الهيئات القيادية العربية في إسرائيل إن شعارات المتظاهرين في تل أبيب تغيّب حقوق المواطنين العرب، مثلما تتجاهل القضية الفلسطينية. وشدّدت على أنه لا ديمقراطية مع الاحتلال.
في المقابل يوجّه مراقبون محليون انتقادات لهذه الهيئات القيادية العربية، مؤكدين على أنها عالقة في خطاب المحقّين، ولا تدرك خطورة المرحلة القادمة، بحال صودق على مشاريع القوانين، داعين لاتخاذ موقف سياسي، على الأقل، مما يجري في إسرائيل.
كما ينتقد هؤلاء عدم ترجمة قرارات “لجنة المتابعة العليا”، منذ نحو الشهرين، للشروع في حوار مع مثقفين يهود حول هذه المسائل، علاوة على بقاء القرار بالتوجه لجهات دولية حبراً على ورق.
يذكر أن هناك حالة لا مبالاة في صفوف فلسطينيي الداخل حيال الصراع الداخلي في إسرائيل. ومنذ اندلاعه، في مطلع العام، غاب النقاش حول السؤال هل يشارك المواطنون العرب في هذه الاحتجاجات في تل أبيب؟ وهل ستساعد مشاركتهم معسكر المناهضين للتشريعات الانقلابية؟ وهل أصلاً قادة الاحتجاجات معنيون بوجود صوت عربي عال في الاحتجاجات؟ ولماذا لا يتظاهر المواطنون العرب في بلداتهم، وتحت شعاراتهم المنطلقة من رؤيتهم وقناعاتهم السياسية وغيرها.
حيال هذه الأسئلة لم تشهد أراضي 48 نقاشات كافية كماً وكيفاً. وفي المقابل كثرت الأسئلة في الجانب الإسرائيلي حول إحجام المواطنين العرب عن المشاركة في هذه الاحتجاجات، بيد أن النواب العرب في الكنيست، المندوبين عن مختلف الأحزاب، شاركوا، في الأيام الأخيرة، في لقاءات مع رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ، الراعي لمساعي الوساطة والتسوية بين المعسكرين المتصارعين، وقدموا رؤيتهم الداعية لأن تؤخذ مطالبهم السياسية بالحسبان، محذّرين من محاولة استغلال هذه اللقاءات لمنح الشرعية على مخرجات مستقبلية محتملة لا تلائم المواطنين العرب.

رؤية مدى الكرمل

في هذا السياق أصدر مركز “مدى الكرمل” للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا ورقةَ موقف حول هذه القضية، تناولتْ مواقف المجتمع العربيّ، المتمثّلة في المؤسّسات الرسميّة والأحزاب العربيّة، تجاه حركة الاحتجاج الحاليّة في الشارع الإسرائيليّ ضدّ خطّة وزير القضاء يريـف ليـفـين، الرامية إلى تغيير وجه السلطة القضائيّة في إسرائيل. وتقول هذه الورقة إن متابعة مواقف الأحزاب العربيّة، والمؤسَّسات الجمعيّة (كلجنة المتابعة)، ومواقف كتّاب وصحفيّين عرب، عرضت المواقف المتناقضة تجاه المشاركة في الاحتجاجات. وعن ذلك تقول: “من جهة، ثمّة أحزاب تدعم وتدعو إلى مشارَكة المجتمع العربيّ في الاحتجاجات، وهنالك أحزاب غير داعمة للمشاركة، إلى جانب موقف لجنة المتابعة الذي أيّد حركة الاحتجاج، لكنّها لم تَدْعُ المواطنين العرب إلى المشارَكة فيها”.
ووجدت ورقةُ الموقف أنّ المشارَكةَ في المظاهرات أو عدمها لم تتحوّل إلى قضيّة مركزيّة أو خلافيّة جِدّيّة داخل المجتمع العربيّ، وأنّ الدعوات إلى المشارَكة في المظاهرات، والمشارَكة الفعليّة، كانت متواضعة حتّى الآن، ولم تُقْنع المجتمع العربيّ بالانخراط في الاحتجاج.
لاستكمال قراءة مواقف المجتمع العربيّ، تتابع ورقة الموقف هذه نتائج استطلاع رأي عامّ أجراه مدى الكرمل (سيُعْرَض في مؤتمر مدى الكرمل السنويّ- أيّار 2023)، وفحَصَ، في ما فحَصَ، مواقفَ المجتمع العربيّ تجاه المشارَكة في الاحتجاجات والمظاهرات. نُفِّذ الاستطلاع في نهاية فبراير/ شباط المنصرم في عيّنة تمثيليّة من 508 مشاركين، وطُرح فيه على المستطلَعين سؤالين عن مشارَكة المجتمع العربيّ في المظاهرات والاحتجاجات.
دعم مشارَكة المجتمع العربيّ في الاحتجاج دون رغبة في المشاركة الشخصيّة
وفقًا لنتائج الاستطلاع، أجاب نحو 57% من المستطلَعين أنّ على المجتمع العربيّ المشارَكة في المظاهرات الاحتجاجيّة الجارية ضدّ تعديلات الحكومة الإسرائيليّة الحاليّة على جهاز القضاء، ونحو 27% أجابوا بالنفي، بينما وافق 12% مع مقولة إنّه يجب على المجتمع العربيّ الاحتجاج داخل البلدات العربيّة.
ومقابل دعم مشاركة المجتمع العربيّ في المظاهرات، وجدت ورقة “مدى الكرمل” أنّ المستطلَعين غير معنيّين في المشاركة الشخصيّة في المظاهرات. وعن ذلك توضح: “حين سألنا عن الاستعداد للمشارّكة الشخصيّة في المظاهرات، وجدنا أنّ غالبيّة المستطلَعين (53%) غير مستعدّين للمشارَكة شخصيًّا في المظاهرات، و30% فقط مستعدّون للمشاركة بدرجات متفاوتة.
يبارك ولا يشارك
وحسب ورقة العمل هذه، يمكن القول إنّ المجتمع العربيّ يعي خطورة خطّة وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليـفـين وتقييد الجهاز القضائيّ، ويريد أن يشارك في الاحتجاج، لكنّه لا يريد أن يشارك على نحوٍ شخصيّ، ولا يدعم مظاهرات خاصّة بالمجتمع العربيّ في البلدات العربيّة. قد يكون وراء هذا الموقف عدّة أسباب، من بينها البعد الجغرافيّ لأماكن التظاهر عن البلدات العربيّة وتمَرْكُزها في المركز، وأنّ تجربة المجتمع العربيّ مع قمع الشرطة للمتظاهرين العرب تترك أثرًا سلبيًّا، ولا تشجّع على مشارَكة الأفراد، وربّما الشعور بالغربة عن بيئة المظاهرات وشعاراتها لا يشجّع المجتمع العربيّ على المشارَكة، وإلى جانب ذلك قد يكون هذا نتيجة عزوف الأفراد عن المشارَكة السياسيّة على العموم. كلّ هذا يسهم في عدم الرغبة في المشارَكة الشخصيّة.

المشارَكة وَفقًا للتصويت في الانتخابات الأخيرة

توضّح نتائج الاستطلاع، وَفقًا للتصويت في الانتخابات الأخيرة، عدم وجود فروق في مواقف المستطلَعين في سؤال مشارَكة المجتمع العربيّ في الاحتجاج، فقد دعم 65% من مصوّتي “القائمة العربيّة الموحَّدة”، برئاسة النائب منصور عباس، مشارَكة المجتمع العربيّ في المظاهرات الاحتجاجيّة، وَ 56% من مصوِّتي “الجبهة والعربيّة للتغيير”، برئاسة أيمن عودة وأحمد الطيبي، وَ 60% من مصوّتي “التجمُّع الوطني الديمقراطي”. في المقابل، نرى فروقًا جِدّيّة في استعداد الأفراد للمشاركة شخصيًّا في الاحتجاج، إذ نجد أنّ 30% من مصوّتي “القائمة العربيّة الموحَّدة” وَ 30% من مصوّتي “الجبهة والعربيّة للتغيير” مستعدّون للمشاركة، وَ 13% فقط من مصوّتي “التجمُّع”.
المواقف وَفقًا لمستويات التعليم
وطبقاً لـ “مدى الكرمل”، فإن موقف المستطلَعين حسب سنوات التعليم يكشف عن وجود تبايُن في مستويات دعم مشارَكة المجتمع العربيّ في المظاهرات حسب سنوات التعليم، إذ وجدنا دعمًا أعلى لدى المستطلَعين من أصحاب مستويات التعليم المنخفض، وتراجعًا لدى مستويات التعليم العالي، ليعود ويرتفع بعض الشيء لدى الفئة الحاصلة على درجة ماجستير وما فوق. ويقول “مدى الكرمل” إنه في الإمكان أن يُعْزى مصدر هذه الفروق إلى أنّ ذوي مستويات التعليم العالي مطّلعون أكثر على النقاش القضائيّ والسياسيّ بشأن الخطّة وعلى إسقاطاتها، وعلى كون الصراع صراعًا بين التيّارات الصهيونيّة، ولا يتطرّق إلى مَطالب واحتياجات المجتمع العربيّ، أو ربّما يعكس إدراكًا لدى فئة التعليم العالي أنّ خطّة وزير القضاء قد تُلحِق بهم ضررًا مادّيًّا شخصيًّا إذا تحقّق الضرر الاقتصاديّ المتوقّع من الخطّة. بطبيعة الحال، لا يمكن أن نجزم فقط وَفْق الأسئلة الواردة في الاستطلاع، وفهمُ هذه الفروق يحتاج إلى دراسة أوسع وأعمق.

المشاركة الشخصية

كذلك وجد “مدى الكرمل” أنّ عدم الاستعداد للمشاركة الشخصيّة في المظاهرات مرتفع لدى كلّ مستويات التعليم، ما عدا الفئة الحاصلة على درجة ماجستير وما فوق. في المقابل، مستوى الاستعداد للمشارَكة (بدرجات متفاوتة) لدى ذوي مستويات التعليم المنخفض كان أعلى ممّا لدى ذوي مستويات التعليم المرتفعة، بواقع 40% لدى مستوى التعليم الابتدائيّ، وَ26% لدى مستوى التعليم الإعداديّ، وبعدها يتراجع الاستعداد للمشارَكة إلى نحو 22% لدى فئات التعليم العالي.
المشارَكة حسب النوع الاجتماعيّ
نتائج الاستطلاع بيَّنت أنّ ثمّة فروقًا بين المستطلَعين وَفقًا للنوع الاجتماعيّ، إذ تدعم النساء المشارَكة في الاحتجاجات أكثر من الرجال: نحو 68% من المستطلَعات، مقابل نحو 52% من المستطلَعين. هذا الدعم ينعكس كذلك في موافقة النساء للمشارَكة على نحوٍ شخصيّ في المظاهرات؛ إذ قالت نحو 30% من النساء (بدرجات متفاوتة) إنّهنّ مستعدّات للمشاركة شخصيًّا في المظاهرات، بينما قال نحو 20% (بدرجات متفاوتة) من الرجال إنّهم مستعدّون للمشارَكة شخصيًّا.
المشارَكة حسب الفئات العمْريّة
تحليل النتائج وَفقًا للفئات العمْريّة يوضّح الفروق في المجتمع العربيّ، إذ وجد “مركز الكرمل” أنّ دعم فئات الشباب للمشارَكة في الاحتجاج والمظاهرات أقلّ من دعم الفئات العمْريّة الأكبر لها. فقد قال 55% من الفئة العمْريّة 18-34 وَ 50% من الفئة العمْريّة 35-44 إنّه تجب المشارَكة، بينما ترتفع النسبة إلى 63% في الفئة العمْريّة 45-54 وإلى 68% في الفئة العمْريّة 55-64، وإلى 60% في الفئة العمْريّة 65 عامًا فصاعدًا.
أما الإجابة عن سؤال الاستعداد للمشاركة الشخصيّة فتوضّح الفروق حسب الأجيال، فقد قال أكثر من 60% من الفئة العمْريّة 18-34، ومن الفئة العمْريّة 35-44، إنّهم غير مستعدّين للمشاركة شخصيًّا (بدرجات متفاوتة)، بينما تنخفض هذه النسبة في الفئة العمْريّة الأكبر سنًّا: إلى نحو 50% لدى الفئة العمْريّة 45-54، وإلى 43% لدى الفئة العمْريّة 55-64، وإلى 45% لدى الفئة العمْريّة 65 عامًا فصاعدًا.
وبرأي “مدى الكرمل”، فإن هذه النتيجة ليست بغريبة؛ إذ تُظهِر استطلاعات الانتخابات السابقة أنّ الأجيال الشابّة هي الأقلّ مشارَكةً في الانتخابات، والأبعد عن الحالة السياسيّة في إسرائيل، وهي التي شاركت في هبّة الكرامة عام 2021، وتبتعد عن الصراعات بين المعسكرات الإسرائيليّة. كذلك كشفت دراسة موسَّعة، أَجراها الباحث أريك روديتسكي، تناولت مشارَكة المجتمع العربيّ في الانتخابات بين عام 2015 وعام 2019، عن تراجُع مشارَكة الفئات الشابّة في الانتخابات. وفضلًا عن هذا، فقد كشفت دراسة أَجْرتها جمعيّة “بلدنا” عن ابتعاد فئة الشباب عن الانتماءات الحزبيّة والعمل الحزبيّ السياسيّ الـمُمَأْسَس والمنظَّم.

“القدس العربي”

التعليقات على خبر: مواقف فلسطينيي الـ48 من المشاركة في احتجاجات تل أبيب على التشريعات الانقلابية

حمل التطبيق الأن